السبت، 7 سبتمبر 2013

شبكات التواصل الاجتماعي.. والتواصل المزعوم!


الشبكات الاجتماعية ظاهرة إعلامية واجتماعية جديدة تفرض نفسها على واقع المجتمعات والشعوب. لها العديد من الجوانب الإيجابية والسلبية، والتي تستلزم الدراسة والتمحيص. فالبعض يعتبرها السبيل الوحيد للترويح عن النفس وقضاء أوقات الفراغ، بينما يعتقد البعض الآخر بأنها السبب الرئيسي للتفكك الأسري وضياع الوقت.

 اليوم، وبعد ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، مثل الفيس بوك وتويتر وغيرها، وانتشارها بهذه الطريقة الكبيرة، ودخول كثير من الناس إلى عوالمها، وانتظامهم في مساراتها أصبحت كفيلة بإحداث تغير في السلوكيات البشرية. وعلى سبيل المثال حالة التغيير والانفتاح الثقافي الذي شهدته المنطقة العربية بفضل الشبكات الاجتماعية؛ حيث أحدثت ما يسمى بـ: "الربيع العربي" وهي الموجة التي بدأت في تونس، ثم انتقلت حثيثًا إلى بعض البلدان العربية الأخرى، مما أدى إلى حدوث مجموعة من التغييرات الجذرية والجوهرية في واقع تلك الشعوب. فلا يمكن أن نقول: إن مواقع التواصل الاجتماعي هي السبب الأساسي في حالة الحِراك الشعبي التي شهدتها المنطقة العربية في الآونة الأخيرة، ولكنها كانت الأداة المحركة والداعمة لكل الثورات العربية وذلك لما توفره هذه الشبكات من سرعة في نقل المعلومات وتبادل الأفكار والآراء. وبعيدا عن الجانب السياسي الذي تقدمه شبكات التواصل الاجتماعي فإن لها دور ثقافي كبير حيث تسهم هذه المواقع في زيادة معرفة الفرد بما يدور حوله فقد يجد صعوبة في متابعة برامج التلفاز لأنه لا يستطيع الالتزام بأوقاتها المحددة بينما يسهل عليه تصفح ما يجري في العالم من خلال تطبيقات التويتر والفيس بوك الموجودة غالبا في معظم أجهزة الهواتف المتنقلة. كما أن الاعلام الاجتماعي أصبح أكثر ديموقراطية من الاعلام الرسمي فـ غالبا ما تجد معظم قضايا ومشاكل المجتمعات تُطرح وتُناقش بكل مصداقية في مواقع التواصل الاجتماعي بينما في المقابل يوجد تعتيم واضح من قِبل الاعلام المسؤول عن هذه القضايا.

وإن كان الحديث في الغالب عن الأثر السلبي بحكم التخوف من المجهول، وبحكم قياس الواقع الحالي بما كان عليه في السابق. فقد أصبح الإنسان اليوم يعد مجتمعه الافتراضي من ضمن اهتماماته وربما طغى على الجانب الاجتماعي الواقعي. وفي بعض الأحيان  قد يخرج الأمر عن السيطرة، حيث يُصبح للأبناء مجتمعاتهم التي تشغل اهتماماتهم مما يؤدي بهم إلى الإدمان عليها والانعزال عن الواقع لأنهم وجدوا من هذا العالم بيئة مناسبة لأفكارهم وتوجهاتهم. ولا يخفى علينا الدور الذي تلعبه هذه الشبكات من بث الأفكار الهدامة والدعوات المنحرفة وهذا البث يُحدث خلالاً أمنياً وفكرياً، وخاصة أن أكثر روّاد الشبكات الاجتماعية من الشباب مما يسهل إغرائهم وإغوائهم بدعوات لا تحمل من الإصلاح شيئاً بل هي للهدم والتدمير، وقد يكون وراء ذلك منظمات وتجمعات، بل ودول لها أهداف تخريبية. وقد وُجِد بأن هناك علاقة طردية بين زيادة مستخدمي شبكات التواصل و بين الشائعات التي أصبحت ظاهرة خطيرة تهدد المجتمعات حيث تنشر المواضيع بين العامة دون التأكد من مدى صحة الكلام أو مصداقيته.

والسؤال الذي يطرح نفسه هُنا هل تُعتبر هذه المواقع شبكات للتواصل الاجتماعي حقا؟ أم أن العلاقات الاجتماعية أصبحت بعيدة كل البعد عنها؟ ومنها يستوقفني كلام قريبتي الصغيرة التي لا تتجاوز من العمر احدا عشر ربيعا حين قالت " ليتنا نعود الى حياتنا السابقة" فسألتها بدهشة وكيف نعود برأيكِ؟ فقالت "نتحاور نضحك نمرح ولا يَنشغِل كل منكم بهاتفه"! هكذا ترى الطفلة الحال الذي وصلنا اليه, فكيف نرى نحن أنفسنا اليوم؟! 

أميمة اليعقوبي 
Twitter: @OM_Alyaqoobi

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق