الأحد، 7 يوليو 2013

نحو مجتمع متسامح

يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الفتنة الطائفية هذه الظاهرة التي سببت الكثير من الانقسامات بين أبناء المجتمع الواحد ، تلك النبتة السامة التي وجدت من يحتضنها ويرعاها فتكاثرت وخلفت وراءها آثار الدمار والانقسام.
ترعرعت هذه الظاهرة في أجزاء كثيرة من العالم العربي والعالم الاسلامي لأنها وجدت المناخ المناسب الذي هيأ لها هذا النمو والنضج السريع فترى حال متبنيها كحال من ينطبق عليهم قول ابن سينا "بُلينا بقوم يظنون أن الله لم يهد سواهم". وﻻ شك أن غياب التسامح يعد من أهم الأسباب التي ساهمت في زيادة التعصب الطائفي لدى بعض شرائح المجتمع ، فالتسامح بإعتباره قناعة تتجلى في الممارسة كفيل بإطفاء نار التعصب الطائفي ، فإذا كنت ﻻ تعترف بحقوق الناس وﻻ تحترم إختلافهم و قناعتهم و تقبل أرائهم ، فلا شك أن الأخرين سيقابلونك بنفس الإسلوب و يؤدي ذلك الى تضاعف و تزايد الأحقاد و الضغائن بين شرائح المجتمع .
و من المؤسف أننا غالبا ما نركز على نقاط الاختلاف بيننا وبين الطوائف الأخرى ونتجاهل الجوانب المشتركة التي من خلالها نستطيع تكوين علاقات قائمة على احترام الرأي الأخر. فبالتسامح نستطيع الوصول الى التعايش السلمي الذي دعا اليه الإسلام و سيد البشرية الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام و نستشهد بذلك قوله صلى الله عليه و سلم (وإنما المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) .وقال عليه الصلاة والسلام ( المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) كما جاء في صحيح مسلم 

و لنا في ما خلق الله من إختلافات و تباين بين أجناس البشر و الثمر عبرة يجب أن نتعلم منها أن الإختلاف أمر واقع ﻻ بد منه يجب علينا التعايش معه و ليس توظيفه لتعميق الفتن و نشر الشر بين بني البشر و مهما رأى كل واحداً منا أفضليته على غيره و غلبت عليه أنانيته فعليه السيطرة على جماح نفسه و رغبتها في التعالي و الهيمنه ، فكما أن لك حقوق فإن للأخرين مثلها ، فلما لا ننظر الى التباين بيننا وبين الطوائف الأخرى على أنه اختلاف في الرأي والفكر وليس تصادم عقائدي ؟ فنحن جميعنا نشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله. و عند ترسخ هذه الفكرة في أذهاننا فإننا سوف نستطيع التخلص من العصبية المذهبية  كما اننا سنتخلص من التزمت بالرأي الواحد وتصبح علاقاتنا مع الطوائف الأخرى تتسم بنوع من المرونة والاحترام المتبادل. كما يعد تحديد نوعية الحوار أمرا مهما بحيث لا يكون مسيء لأي طرف من الأطراف ، فالحوار الهادف هو الذي يظهر بنتيجة منشودة ترضي الجميع وليس الذي ينتهي بنزاع طائفي واساءة للمعتقدات، كما أن اختيار الأشخاص المناسبين للحوار يعد عاملا مهم لإنجاحه ومن المهم أن يكون الشخص ذا هدف وقضية واضحة لتسهل عملية تبادل الأفكار والآراء أما الأشخاص المتعصبين والمتمسكين بالرأي الواحد فيكون تجاهلهم هو الحل الأمثل لأن النقاش معهم يزيد الصراع حدة  والمشاكل تعقيدا.
إن المجتمع يمتلك أدوات و وسائل عديدة يجب توظيفها لنزع الفتنة الطائفية ، و من تلك الأدوات و أخطرها الإعلام بكافة وسائله ، الذي يجب أن يكون أداة بناء و ليس أداة هدم يقوم ببث سموم الطائفية ، وﻻ يخفى على المراقب أن بعض القنوات تذهب بعيداً عن الفكرة و المضمون و تحول القضايا السياسية إلى قضايا مذهبية بحتة مما يزيد من شدة النزاع والصراع بين أبناء الطوائف المختلفة ، حيث تقوم بعض هذه القنوات الفضائية وغيرها من وسائل الاعلام بتقديم حججاً و براهين زائفة سعياً لإقناع المتلقي بأن ما تعرضه حقيقة قاصدة بذلك تأجيج نار الصراع و الفتنة بين طائفة و أخرى .
وفي الحقيقة أن الإعلام ليس مهنة فحسب وانما رسالة ، فالمنبر الإعلامي مطالب بالعمل على خفض نسبة العنف في المجتمع وليس تغذيته ، فلا بد ان يكون أيضاً محايداً ينقل الصورة بكل مصداقية دون مبالغة أو تهويل لبعض القضايا والمواضيع.
كما أن المتلقي يجب أن يكون واعياً و ناقداً غير متقبل لكل ما يبث و يعرض عليه ، فلا يقبل الفكرة بمجرد طرحها وانما يقوم بدراستها والتأكد من صحتها و بهذا الوعي لا تسطيع هذه القنوات الخبيثة من نشر آفاتها في المجتمع ولن تتمكن من الوصول الى مرادها في تفكيك أبناء العقيدة الواحدة ، و بذلك يتمكن المجتمع من ترسيخ فكرة ﻻ للطائفية ، فنحن أمة إسلامية ذات عقيدة واحدة ، يجب أن ننبذ العنصرية والطائفية البغيضة ، و ليكن شعارنا دوماً أن نرى الناس بأخلاقهم لا بمذاهبهم ، فمذهبهم بينهم وبين ربهم والطائفية رجس من عمل الشيطان فإجتنبوها.
Twitter: @OM_Alyaqoobi

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق